في المقهى


دخل إلى ذلك المقهى الذي يملكة، الذي لا يدخله إلا اولئك الذين ينتمون إلى الطبقة البُرجوازية، وكعادتهم الموظفون يهتمون به إهتماماً لافتاً, جلس على على طاولته في تلك الزاوية صاحبة الإطلالة الأجمل والأهدئ، عندها أحضروا له فنجان قهوته وبدأت سيمفونية بيتهوفن التاسعة، عندها اكتملت مستلزمات الكتابة ففتح دفتره وأخرج قلمة الذهبي ليبدأ كتابة مقالةٍ لتلك المجلة التي خصصت له زاوية خاصة.
بدأ بمقالته وعندما انتهى نظر إلى تلك السيدة التي شعر أنها تنظر إليه باهتمام، عندها سقط قلمه على الأرض وخلع نظارته عن وجهه وفتح فاه ثاغراً، لم يُصدق ما رأى! لقد رأى تلك التي سلبته عقله وقلبه وتلك التي أزالت وقاره، لم يخطر بباله أن يراها ثانيةً فهو قد رحل عن بلاده إلى بلادٍ جديدة هروباً من الوجع والألم علّه ينسى معاناته من العادات والتقاليد التي دفنته حياً، فقد كان مسلماً وهي مسيحية فقد أُرغِمَت على الزواج بشابٍ مسيحي وإلا قتلوها أهلها.
نظرت إليه وهي برفقة زوجها بعد عشر سنوات وأومأت له برأسها وابتسمت وهو فعل مثلها، لقد بات مُشرداً في المقهى أصبح كمن صدمه قطار وقطّعه إلى أشلاءٍ تناثرت على الأرض.
إن شعوره سيء إلى حدٍ كبير ومؤلم جداً جداً، بعد عشر دقائق من الشرود والدهشه التقط قلمه عن الأرض وفتح صفحة جديدة وكتب:
"أجلس في هذه الزاوية الضيقة في المقهى وأسأل نفسي الجاهلة: لماذا تنتابنا رغبةً في البكاء أحياناً, هكذا بلا سبب مُعلَن، يستعد الدمع للتدفق كنبع ..فيتدفق .. لماذا لا تُراودنا رغبةً مماثلة في الضحك، فنفعل بالمثل؟
لا نستطيع الضحك دون سبب، حتى وإن ألقينا على أنفسنا بعض النكات كهذه مثلا !!"

By: Yazan Al Jarrah & Unknown

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لقاء قصير

في العزلة

بيننا وبينهم (الشرق والغرب)