وفي غيابها 2
وفي أثناء غيابها جلس
على مقعده في محاضرته وأخذ يكتب تلك الملاحظات التي ينطقها مُدرِّسه إنه يكتب
ولكنه لا ينتبه فباله مشغولٌ بها، وقلبه يخفق بِشدّه فهي غائبه، لقد رحلت إلى
وطنها، تركته بلا وطن، تركت بداخله شوق كل يوم يتضاعف، ما زال يُفكر بكلماتها التي
قالتها بعد أن طلب منها أن لا تُطيل الغياب وأن تَرجِع إلى وطنه الذي باتت سمائه
رمادية وغروبه افتقد إلى اللون الوردي. لقد قالت له: "لقد سافرت كثيراً خارج
هذا الوطن الذي أعيش به منذ زمن طويل لكنها المرة الأولى التي لا أشتاق له!".
كلما تذكر تلك الكلمات شعر بغصّة داخله بل إن الألم وصل إلى جوفه ... إنها المرة
الأولى التي يشعر بها أن للحدود قيمة.
لقد با يُفكر: "هل
ستغيب ويبقى الأثر؟ اسمها، صوتها، ضحكاتها، خيالها، وذكرياتها فقط ستبقى؟!" أفكاره
مضطربه، هو يتصرف بطبيعة هادئه لكن سُرعان ما يغضب، سرعان ما تظهر عنجهيه وعصبية
على ملامحه ويصبح ثائراً وهائجاً :أمواج البحر العاتية. يريد أن يخفي ما بداخله من
اضطراب وضياع وأفكار متشردة. إنه يسمع صوت ربابةٍ حزينة يعزف في قلبه، إنها تعزف
أحزن الألحان.
نصف ساعة على إنتهاء
محاضرته وهو جالسٌ مكانه لم يرف جفنه وما زال يكتب!
جلست تلك الصديقة التي
إعتاد لها البوح بجانبه وقالت: "إنك محتارٌ وهادئ، مشغول البال وتائهٌ أيضاً،
إنك كالبحر هادئ وتخفي الكثير من الأسرار لكنك سُرعان ما تغضب وتضرب بأمواجك قلوب
من يُحِبوك. أما آن لك أن تهدأ قليلاً وتُخرج نفسك من تلك العاصفه؟ صدقني إنها
مثلك الآن لكنها لا تستطيع البَوْح خوفاً من أن تفضحها دموعها، ابتسم فأنت الأجمل
والأنقى، أنت تحمل الكثير من الصفات الرائعه ولا يليق بك الحُزن".
نظر إليها وابتسم
ابتسامةً مصطنعه ولم ينطق بحرف، قالت له: "بادٍ عليك حنينك لو خبأته"
...
ومضى ليُخفي حُزنه.
مليح
ردحذفاه ولك مليح
حذفجميييل جدااا
ردحذفتسلم صديقي سامر
حذف