هشاشه
هناك وعلى ضفة النهر جلس وحيداً
كعادته، على المقعد الذي اعتاد الجلوس عليه ويمسك كتاباً جديداً هذه المره إنه
يقرأ تلك الرواية المترجمة من الأدب التركي "قواعد العشق الأربعون" التي
حدثه عنها رجلٌ عربي جلس بجانبه في الطائره أثناء عودته من مؤتمر.
جلس وحيداً ويفكر بتلك الصدمه
التي لم يخرج منها منذ عشر سنوات، ما زال يشعر بها وكأنها حدثت البارحه، ما زالت
بذاكرته وبقلبه، لم يُحب ولن يحب غيرها هكذا قال لها، وعدها بأن لا تدخل قلبه أنثى
غيرها.
إنه مدهش، شخصيه بارزه، قويه
ويتصف بالجرأه والثقة اللامتناهيه بنفسه، رجلٌ حليم وذكي إن كل من يعرفه يصفه بأنه
أحد أروع الشخصيات على الإطلاق، رجل ناجح ومؤثر للغاية لكن القليل منهم من يعرف
أنه مكسور من الداخل، إنه كلوح البلور الذي كُسر وهيهات أن يرجع كما كان.
جلس ليقرأ لكنه أخرج قلمه بدلاً
من ذلك ليكتب عما في داخله عن تلك السحابه التي غطت عاطفته وبقيت تمطر وتمطر حتى
دفنتها تحت التراب، فهو يعلم بأنه هناك غنكسارات كل ما بعدها لا يُعد بشئ! فكتب:
"إنني أكبر، وأغدو أكثر هشاشةً من قبل، ويؤذيني أحياناً
أنها هشاشة من يعي ويعرف أكثر مما يجب، لاهشاشة من لا يجرؤ، وإن كان يمكن مداواة
الأخيره، أو حتى تجاوزها، فإن الأولى تغدو -مع الوقت- ملمحاً مثل بقية الملامح،
يشيخ لكنه لا يُمحى، وأنا أتعايش مع هشاشتي وأحاول أن أداريها كما لو كانت عطباً.
أليست الهشاشة عطباً في
الروح؟!، إنها عطب لا يصلحه أن نفهمه، لأن فهم الهشاشه لا يجعلها أخف وطأة، ولا
ندرأ أسبابها، لأنه لا يمكن تجاهلها. ورغم أنها تفضي إلى الخفه فإنها ثقيلة ملزمه،
إنها هنا داخلي ولن يحدث ذلك الشئ الذي يجعلها غير موجوده مهما أغمضت عيني، وتمنيت
ذلك، لأن ما يحدث حولي يجعلها تتأكد يوماً بعد آخر.
إنني اكبر وهشاشتي تكبر معي."
تعليقات
إرسال تعليق